لمحة تعريفية بعلم النفس المدرسي

  لمحة تعريفية بعلم النفس المدرسي
من إعداد: أ.عبد السلام قبلي 

مقدمة

علم النفس المدرسي من بين فروع علم النفس التطبيقي الهامة ويرتبط بفروع علم النفس الأخرى، والذي يكشف عن جوانب عديدة من المعارف والسلوكات التي تقع في نطاق المدرسة، ويهتم هذا الميدان بسلوك التلميذ باعتباره موضوع علم النفس الأساسي، ويتناول المشكلات أو الإضطرابات التي قد تصيب الطلاب من الأمراض والصعوبات وحالات التخلف العقلي والدراسي وبطء التعلم أو العجز التعليمي وكافة المشاكل النفسية والتربوية والإدارية التي قد تعوق رسالة المدرسة ويحاول معالجتها بحيث يتحقق للطلاب التكيف النفسي والعقلي والصحي والإجتماعي والأخلاقي وبحيث تحقيق المدرسة رسالتها العظيمة في إعداد النشء وتربيته وخلق المواطنة الصالحة في نفسه وغرس قيم الأخلاق والفضائل في حسه وعقله ووجدانه، ولا بد من جعل المدرسة مكاناً لجذب الطلاب ولا بد من رعاية المتفوقين والنوابغ من الطلاب وكذلك رعاية أصحاب الإحتياجات الخاصة.
ويهتم علم النفس المدرسي بكل ما يدور داخل الحياة المدرسية من أنشطة وما يتصل بالمناهج والمقررات الدراسية وأساليب الإدارة وطرائق التدريس والأنشطة التربوية؛ وفي هذا الإطار حاولت تسليط الضوء على مفهوم علم النفس العام، نشأة و مفهوم علم النفس المدرسي، مكونات علم النفس المدرسي، أهداف علم النفس المدرسي، وضائف علم النفس المدرسي.

تعريف علم النفس المدرسي

قبل الخوض في مفهوم علم النفس المدرسي، لا بد من الإحاطة بمفهوم علم النفس بشكل عام، لأن ما يصدق على علم النفس المدرسي، يصدق على علم النفس بصفة عامة.

1- مفهوم علم النفس العام Concept of General psychology


يعود مصطلح علم النفس psychology إلى الكلمة اليونانية psych ومعناها النفس، والكلمة logus ومعناها علم.
ويرجح البعض أن أول من استخدم هذا المصطلح الفيلسوف الألماني ميلانكثون melanc thon في القرن السادس عشر، في حين يعزوه البعض إلى الفيلسوف الألماني ولف wolf في القرن الثامن عشر (الوقفي، 1998).
وقد أسهمت عدة علوم في نشأة هذا العلم كان أكثرها تأثيرا الفلسفة وعلم الأحياء والطب النفسي، والتربية، والعلوم الطبيعية.
وقد مال فلاسفة اليونان إلى الإعتقاد بأن هذا العلم هو علم البحث في الروح والنفس، لكنهم فشلوا في كيفية جعلها قابلة للتحقق والاختبار، في حين أن فلاسفة عصر النهضة مالوا إلى اعتبار هذا العلم علم العقل، وبنفس الطريقة فقد وجدوا أن مفهوم العقل غامض ولا يخضع للتجريب، فظهرت فئة أخرى من المفكرين مالت إلى الحديث عنه على أساس أنه علم الإنسان، ثم جاءت المدرسة التركيبية والعالم (فونت) فأصبحت تعرفه بأنه دراسة الفعاليات العقلية، والخبرة الشعورية، غير أن فرويد أكد على أهمية اللاشعور في النفس، ورأى أنه يساوي ما يقرب تسعة أعشار العقل، وأن هذا اللاشعور فعال لدرجة أنه يقرر أغلب سلوكاتنا السوية وغير السوية، ومع نشأة السلوكيين ومعارضتها للمدرسة التركيبية، أصبح علم النفس يعرف بأنه "علم دراسة السلوك" وقد رحب الجميع بهذا التعريف، وكان مصدر هذا الترحيب هو أن السلوك قابل للملاحظة والقياس المباشر، بخلاف العمليات العقلية الداخلية غير القابلة للملاحظة، ثم ظهر علماء النفس المعرفيين فأكدوا من جديد على قيمة العمليات العقلية وأهميتها في الدراسات النفسية
بعد ذلك برز التعريف الحديث لعلم النفس، محققا انتشارا واسعا في المراجع الحديثة وهو " الدراسة العلمية للسلوك والظواهر النفسية بقصد الوصول إلى القوانين التي تمكننا من فهم هذا السلوك، ومعرفة أسبابه، والتنبؤ بحدوثه، وضبطه، والتحكم به"، فأصبح علم النفس علم دراسة السلوك بصفة عامة، والسلوك الإنساني بصفة خاصة، بهدف الوصول إلى القوانين التي تفسر هذا السلوك، وتمكننا من ضبطه والتحكم به، وتوجيهه، وتعديله لصالح الإنسان، حيث أن الإنسان هو موضوع علم النفس، وما يصدر عنه من حوادث نفسية كالسرور والألم، والإرتياح والحزن، كما يبحث في العمليات العقلية لديه من تذكر وتفكير وإدراك وانتباه، کما يبحث في استعداداته الطبيعية والمكتسبة كالذكاء والمواهب والغرائز وغيرها.

2- نشأة علم النفس المدرسي school psychology

علم النفس المدرسي ليس قديم العهد من حيث كونه میدان تخصص من میادین العلوم الإنسانية، على الرغم من مضي سنين طويلة قبل أن يصبح هذا العلم مميزا.
يعد جوهانز فردريك هربارت (1841) أول مبشر- بعلم النفس المدرسي أو بالتربية کمجال تطبيقي في علم النفس، عندما حاول قبل ما يزيد عن مائة عام أن يستشف من علم النفس المباديء التي تبدو ذات قيمة للمدارس في حينه، حيث برزت هذه المباديء تحت اسم علم النفس التربوي، وفي الوقت الذي برزت فيه نشاطات هربارت كان كل من هربرت سبنر وتوماس هكسلي وتشارلز اليوت رواد المدرسة العلمية للتدريب الشكلي قد اهتموا مشكلات الوراثة والبيئة التي وجهت جالتون إلى ارتياد ميدان القياس العقلي، وتبعه جيمس کاتل والفرد بینه، حيث أسهم هذا الميدان إسهاما بارزا في تحديد معالم علم النفس التربوي الحديث.
وفي القرن التاسع عشر ايضا بدأ الاهتمام بسيكولوجية النمو، حيث أسس ستانلي مول 1819 أول مجلة متخصصة في موضوع النمو في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1896 أنشا ويتمر الذي يعد الأب المؤسس لعلم النفس المدرسي أول عيادة للأطفال غير المتوافقين في فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم حدثت خطوات كثيرة على يد الفيلسوفين الأمريكيين وليم جيمس، وجون ديوي، حيث أعد ولیم جیمس کتابا بعنوان " أحاديث إلى المعلمين"، وفي نفس القرن عام 1888 قررت الجمعية القومية بالولايات المتحدة الأمريكية اعتبار مادة علم النفس التربوي مادة أساسية وملزمة في إعداد المعلمين، وهكذا كان المسرح مهيئا مع بدايات القرن العشرين لدخول علم النفس التربوي الجامعات كاحد التخصصات الرئيسية، ثم انطلق العديد من العلماء يرتادون میدان هذا العلم حتى تحدد بشكل جلي عام 1920، وقد تتابعت المؤلفات والاهتمامات والبحوث التجريبية حول هذا العلم، وأنشئت المعامل والمختبرات الخاصة به، وتعددت المؤتمرات العلمية التي أسهمت في تحديد طبيعته إلى أن أصبح هذا العلم من المقررات الأساسية اللازمة لتدريب المعلمين في كليات ومعاهد التربية بمختلف أنواعها ومستوياتها.
وفي الخمسينات من القرن العشرين، زاد الاهتمام بعملية التعلم داخل غرفة الصف، والعلاقات بين الطلبة وزملائهم ومعلميهم، وبدأ علم النفس المدرسي يزداد في الظهور، ثم أدخلت الجوانب التطبيقية على موضوع هذا العلم حتى أصبح مصنف بين العلوم الأساسية والعلوم التطبيقية، حيث ظهر کتاب سنوي عام 1964 عن نظريات التعلم والتعليم كتبه علماء نفس بارزون حيث أوضحوا غلبة الجانب التطبيقي على هذا العلم.
أما في العالم العربي فقد اقتصر هذا العلم على مصر. في أوائل الثلاثينات عندما تم إنشاء معهد التربية للمعلمين (كلية التربية بجامعة عين شمس حاليا) والمدارس النموذجية حيث كان من رواد هذه الحركة الأستاذ اسماعيل القباني، والأستاذ عبد العزيز القوصي الذي كان لهما فضل الريادة في هذا المجال.

3- مفهوم علم النفس المدرسي Concept of school psychology

يعد علم النفس المدرسي فرعا من فروع علم النفس العام، ويسمى بعلم النفس التعليمي حيث أن موضوع علم النفس التربوي الأساسي هو التعلم المدرسي (أبو حطب ورفيقته، (1980).
لذا فقد اتجه العلماء في الوقت الحاضر لتسمية هذا العلم بعلم النفس المدرسي، حيث يذكر نشواتي (1985) إن الجوانب النظرية العامة للتعلم تقع في ميدان علم النفس، بينما يقع التعلم المدرسي في ميدان علم النفس التربوي لأنه يحدث في سياق اجتماعي معين، لذا يقوم الباحثون في هذا العلم باكتشاف المبادئ والطرق والوسائل ذات العلاقة بالتعلم المدرسي، والتي تعمل على زيادة دافعية المتعلمين، وتساعد في تحسين تحصيلهم الأكاديمي، فعلم النفس المدرسي يبحث في العملية التعليمية ويتناول سلوك المتعلم في الموقف الصفي وفي المدرسة، ويعتبر هذا العلم ركنا من الأركان العامة لإعداد المدرسين وتدريبهم وتأهيلهم، لأنه يزودهم بالأسس والمبادئ النفسية الصادقة التي تتناول طبيعة التعلم المدرسي ليصبحوا أكثر فهما وإدراكا لطبيعة عملهم، وأكثر مرونة في مواجهة المشكلات التي تصادفهم، كما يزود هذا العلم المعلمين بنوع من الاستبصار بالجوانب النفسية للسلوك الإنساني، ولا يتحقق ذلك إلا بفهم الحقائق والمفاهيم التي أسفرتها البحوث العلمية في ميادين التربية وعلم النفس كما يعد من الأسس الهامة التي ترتكز عليها طرق التدريس، ممثلا في طرحه لنظريات التعلم وتطبيقها بطريقة إجرائية وذلك للاستفادة منها في المناخ الصفي، ولمواجهة المشكلات التي يتعرضوا لها أثناء التدريس.
ويسعى علم النفس المدرسي لإكساب المتعلم مجموعة مهارات سلوكية، وعادات انفعالية، واتجاهات بطريقة متكاملة بحيث يحقق ذلك التوافق السوي مع أقرانه ضمن الإطار الصفي الذي ينتمي إليه، ويتميز علم النفس المدرسي بأنه علم نظري تطبيقي، فلا يمكن تصور میدان هذا العلم على أنه میدان تطبيقي بحت، وإنما يقع في منطقة متوسطة بين العلوم الأساسية البحتة والعلوم التطبيقية (صالح،1966).
وسوف نتناول مفردات هذا العلم بالتعريف والتحليل، ومن ثم نستخلص تعريفات جامعة لكل خصائصه، وهذه المفردات هي :

*علم Science

ترى موسوعة ميريت merit، أن العلم عبارة عن مجموعة من المعارف والنظريات التي تبين الكيفية التي يعمل بها الكون وكل ما فيه، فهو يقدم فهما للعلاقات التي تربط الحقائق ويقدمها في أنساق تتطور باستمرار بالتجريب والملاحظة والإستبصار

أما موسوعة التربية الخاصة فترى أن العلم عبارة عن دراسة منظمة في مجال ما بهدف الوصول إلى القوانين باتباع المنهج العلمي.

*النفس psychology

النفس تأتي بمعنى الأحاسيس والمشاعر، وهذا المعنى الجزئي كثيرا ما يترافق مع معنی القلب والعقل، وقد تغير مفهوم النفس عبر العصور باعتبارها موضوعا للدراسة الفلسفية إلى أن أصبحت موضوعا لعلم هو علم النفس الذي يعرف حاليا بأنه العلم الذي يدرس السلوك الإنساني والعمليات العقلية والانفعالية والشعورية والأنشطة الجسمية ذات العلاقة في المواقف التربوية لمساعدة الفرد على النمو السوي المتكامل من جميع النواحي ليصبح قادرا على التكيف مع نفسه ومع البيئة (أبو جادو، 2005).

*المدرسي School

المدرسة في المؤسسة التي اختارها المجتمع للإشراف على تربية النشيء حيث يرى الدكتور أحمد زكي صالح أن موضوع علم النفس التربوي يحدد من خلال وظيفة المدرسة.

تعريفات علم النفس المدرسی Definetions of school Psychology

سوف نستعرض فيما يلي تعريف بعض العلماء والباحثين العرب لموضوع علم النفس المدرسي كما وردت في كتب علم النفس التربوي. تعریف د. احمد زكي صالح (1966)

علم النفس التربوي " هو العلم الذي يبحث في مشكلات النمو التربوي كما تمارسه المدرسة من حيث أنها المؤسسة التي اختارها المجتمع للإشراف على تربية الناشئة". تعریف د. فؤاد أبو حطب (1980)

"هو الدراسة العلمية للسلوك الإنساني الذي يصدر خلال العمليات التربوية " تعریف د. عبد المجید نشواتي (1985)

" الدراسة العلمية السلوك المتعلم في الأوضاع التعليمية المختلفة ". تعريف د. محي الدين توق وآخرون (2002)

" ذلك الميدان من میادین علم النفس الذي يهتم بدراسة السلوك الإنساني في المواقف التربوية وخصوصا المدرسة".

4- مكونات علم النفس المدرسي Contents of school psychology

من أهم مشکلات علم النفس المدرسي في صعوبة تحديد میدان هذا العلم لذا فقد قامت محاولات عديدة لتحديد موضوعات علم النفس المدرسي، وكانت النتائج كلها تشير إلى أن هذا العلم هو میدان متنوع، ومن أبرز المحاولات التي جرت للبحث عن مفاهیم هذا العلم هي محاولة (انجلاندر، Englander عام (1976)، حيث طلب من مدرسي علم النفس التربوي أن يرتبوا (75) مفهوما حيث اختار الجميع المفاهيم الآتية باعتبارها موضوعات لعلم النفس التربوي وهي (جابر، 1988).
1- تعديل السلوك وقد احتل هذا الموضوع مركز الصدارة.
2- مجموعة من مفاهيم النمو کالاستعداد والدوافع الداخلية والخارجية.
3- مفهوم الذات ومستوى الطموح
4- مفاهيم متعلقة بالتعلم المدرسي من أهمها الإشراط الإجرائي، التعلم بالإكتشاف
5- في مجال القياس فقد ركزوا على موضوع التعلم بالإتقان.
وفي عام 1977 دعا فیلد هوسن ( Feld - Hosen ) 32 من دارسي علم النفس التربوي لترتيب عشرين موضوعا من حيث أهميتها كمقرر دراسي أساسي في هذا العلم، وقد رأوا أن أهم الموضوعات تنحسر فيما يلي:
1- التعليم والتدريس.
2- الدافعية
3- نتاج التعلم.
4- القياس والاختبارات.
وقد قام یال (yale) عام 1971 بمسح مؤلفات علم النفس التربوي الرئيسية والبالغة في حينه مائة كتاب، وتحليل محتواها فوجد أن أكثر الموضوعات تکرارا هي:
1- النمو المعرفي والجسمي والاجتماعي والانفعالي والخلقي.
2- عمليات التعلم ونظرياته، وانتقال أثر التدريب، والإستعداد للتعلم وطرقالتدريس.
3- قياس الذكاء والقدرات العقلية والسمات الشخصية والتحصيل والاختبارات التحصيلية والنفسية والتربوية.
4 - التفاعل الاجتماعي بين التلاميذ والمعلمين والتلاميذ أنفسهم.
5- الصحة النفسية للفرد والتوافق الاجتماعي والمدرسي. (أبو حطب ورفيقته، (1980).
أما الدكتور عبد الرحمن عدس فيؤكد على أنه يصعب لأي فرد ممارسة مهنة التدريس بفاعلية إذا لم يتم التعرض لموضوعات علم النفس الآتية:
1- الوعي بخصائص الطلبة.
2- فهم عملية التعلم.
3- خلق جو تعليمي فعال.
4- مراعاة الفروق الفردية.
5- استخدام التقويم بشكل مناسب.
وقد قام أيضا الدكتور أحمد زكي صالح بتحديد موضوعات علم النفس التربوي من خلال تحديد وظيفة المدرسة، ومن خلال المقصود بعملية النمو، وذلك وفقا لما يلي:
1- الأهداف التربوية العامة والسلوكية.
2- دراسة دورة النمو الكلي للشخصية.
3- المواضع التي تبحثها سيكولوجية التعلم
4- دراسة القدرات العقلية.
أما ديبوا فقد حدد الجوانب الآتية باعتبارها مكونات علم النفس المدرسي.
1- مشکلات الطفل التطورية
2- خصائص المتعلم وطبيعة الفروق الفردية.
3- استراتيجيات تخطيط العملية التعليمية التعلمية وتنفيذها.
4- استراتيجيات تصميم الاختبارات وقياس السلوك.|
أما في الوقت الحاضر فينظر إلى علم النفس كمنظومة (system) أو انساق موضوعها الأساسي التعلم المدرسي، ويقصد بالإنساق "العلاقات المنظمة التي تربط بين أجزاء متفاعلة وكل مط منها يؤدي إلى وظيفة معينة" وتصورنا للعملية التعليمية كمنظومة يفيدنا في تحديد مكونات علم النفس المدرسي حيث أن هذه المنظومة مفتوحة ليس لها بداية أو نهاية، فالمتعلم ليس هو بداية المنظومة لإن التعلم عملية مستمرة وأفضل المنظومات شيوعا ما اقترحه روبرت جليزر عام 1962 .

المنظومة الأساسية للعملية التعليمية كما اقترحها روبرت جلیزر وتتألف هذه المنظومة من أربعة مكونات رئيسية هي: (نشواتي. 1985)

1- صياغة الأهداف التعليمية Instructional Objectives

على المعلم أن يحدد مسبقا الأهداف التعليمية التي يتوقع من المتعلمين إنجازها من خلال عملية التعليم، وتشير الأهداف التعليمية إلى التغيرات السلوكية التي يهدف المعلم إلى إحداثها عند طلابه، ويساهم علم النفس المدرسي بطرق عديدة ومتنوعة في اختيار الأهداف وتحديد مستوياتها وطرق صياغتها وتقويمها وطرق تزويد المتعلمين بها، حيث أن مهمة علم النفس المدرسي في ترجمة هذه الأهداف إلى مقومات سلوكية. 

2- المدخلات السلوكية للتلاميذ Students In puts

يفترض على المعلم أن يتعرف على الخصائص التي يتسم بها تلاميذه وذلك من خلال التعرف على قدراتهم المتنوعة، ومستوی نموهم، ونقاط ضعفهم وقوتهم، و إتجاهاتهم وميولهم وذلك لتحديد مدى استعدادهم وقدراتهم، على إنجاز الأهداف التعليمية المرغوبة. ويمكن استخدام ثلاثة مستويات التشخيص هذه الخصائص وهي:
أ- مستوى التشخيص المسحی Survay Diagnosis
ويشير إلى غربلة صفية يقوم بها المعلم لمعرفة التلاميذ الغير قادرين على تحقيق الأهداف الموضوعة، ويستخدم في هذا المستوى الاختبارات التحصيلية واختبارات القدرات العقلية، والسجل التراكمي للوقوف على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، ويطبق هذا النوع من التشخيص في غرفة الصف وبشكل جماعي .
ب۔ مستوى التشخيص المحدد Specific Diagnosis
ويهدف للتعرف على الفروق الفردية التي تسبب الضعف التحصيلي عند بعض التلاميذ، وتحديد استجاباتهم على نحو دقیق، حيث يقوم المعلم والمرشد النفسي بتطبيق هذا التشخيص على التلاميذ وبشكل فردي.
ج۔ مستوى التشخيص المركز Intensive Diagnosis
يسعى هذا المستوى للتعرف على التلاميذ المتخلفين عقليا، ويحتاجون إلى برامج علاجية وتعليمية خاصة، ويقوم به عادة عالم النفس التربوي أو الإكلينيكي أو المعالج النفسيويستخدم فيه العديد من الاختبارات لمعرفة أسباب هذا التخلف ومظاهره وطرق علاجه. 

3- تخطيط النشاط التعليمي وتنفيذه Planning

يقوم علم النفس المدرسي في هذا المجال بمساعدة المعلم على التعرف على طبيعة التعلم وأنواعه، واختيار أكثر الأساليب فعالية في تحقيق الأهداف التعليمية، وذلك من خلال توضيح العلاقة بين أنواع التعلم وأساليب التعليم، وطريقة تنفيذ هذه الأساليب .

4- التقويم Evaluation

ويتضمن التقويم معرفة مدى تقدم التلاميذ في مجال تحقيق الأهداف التعليمية وعلى المعلم أن يختار ويطور الإجراءات التي تساعده في معرفة هذا التقدم والوقوف على ما إذا كان التعلم يجري على نحو جيد أم لا، وعلى المعلم أن يقف على مدى التغير الذي يطرأ على سلوك طلابه نتيجة لعملية التعلم والتعليم، والتقويم عملية مستمرة تبدأ قبل النشاط التعليمي، وترافقه، وتتلوه، ويبدو أن هذه المكونات وفقا لرأي الدكتور أبو حطب تؤلف أفضل منظومة لمكونات علم النفس التربوي.

وبعد استعراض هذه المكونات الأساسية لعلم النفس المدرسي لا بد من الإشارة إلى أن جهود العلماء والباحثين في هذا العلم تتركز على دراسة العلاقات القائمة بين هذه المكونات فالهدف التعليمي "التغيرات المرغوب إحداثها في سلوك المتعلمين" يرتبط بشكل أو بآخر مدخلات التلاميذ (كالذكاء التحصيل، الدافعية وبنوع التعلم (سلوكي، معرفي)، وبأسلوب التدريس (محاضرة، مناقشة، استكشاف، تجارب عملية وبالتقويم (الوقوف على التغير الذي طرأ على سلوك المتعلمين نتيجة للعملية التعليمية). (نشواتي، 1985).
إن التعرف على طبيعة هذه العلاقات يزود المعلم بالمعلومات الضرورية التي تمكن من أداء مهامه التعليمية بشكل أفضل.
ويسعى علم النفس المدرسي إلى تنظيم العلمية التعليمية بشكل متكامل بحيث يترجم الأهداف التعليمية إلى مقومات سلوكية، وهذا لا يتم إلا باستخدام أساليب متنوعة وربما تؤدي في المحصلة إلى تعليم متكامل يكسب المتعلم مهارات وخبرات تساعده على تعليم أفضل ويقاس ذلك عن طريق التقويم.

5- أهداف علم النفس المدرسي Goals of school Psychology


يهدف علم النفس المدرسي إلى تحقيق غرض مزدوج وهو تطوير أسس علم النفس العام وتطبيقها من أجل تطوير العملية التربوية، ولتحقيق هذا الغرض فهو ينهل من میادین علم النفس الأخرى مثل التعلم والفروق الفردية والإرشاد وغيره. ویری جودوين وكلوزمایر ( Godwin & Klansmeir ) إن علم النفس التربوي يسعى لتحقيق هدفين أساسين هما:

1- تولید المعرفة الخاصة بالتعلم والمتعلمين وتنظيمها على نحو منهجي، بحيث تشكل نظريات ومباديء ومعلومات ذات صلة بالطلاب والتعلم.
2-صياغة هذه المعرفة في أشكال تمكن المعلمين والتربويين من استخدامها وتطبيقها في المواقف التعليمية التعلمية، أي الإستفادة من المعلومات النفسية النظرية فيالمجالات العملية التطبيقية (أبو جادو، 2005).
حيث يشير الهدف الأول إلى الجانب النظري الذي ينطوي عليه علم النفس المدرسي حيث يبحث في طبيعة التعلم ونتائجه وقياسه وخصائص المتعلم ذات العلاقة بالعملية التعليمية.
أما الهدف الثاني فيشير إلى علم النفس المدرسي بجانبه التطبيقي، فمجرد وضع المباديء والنظريات لا يضمن نجاح عملية التعليم إذ لا بد من تنظيم هذه المباديء والنظريات بحيث يمكن للمعلمين استخدامها وبيان مدى فاعليتها حتى يلجأ علماء النفس المدرسي إلى تطبيق هذه المعارف في الأوضاع التعليمية، ويقومون بتعديلها في ضوء ما يسفر عنها من نتائج لضمان أفضل تعلم، واكساب التلاميذ العادات والقيم والاتجاهات المختلفة الإحداث التغيرات المطلوبة في شخصية الطفل.
وعن طريق هذين الهدفين يمكن الربط بين الجوانب النظرية (علم النفس) والجوانب العملية التعليم).
ويشير العلماء والباحثون إلى أن أهداف علم النفس المدرسي لا تختلف في فحواها وجوهرها عن أهداف العلم بصفة عامة، حيث يسعى علم النفس المدرسي إلى تحقيق الأهداف الآتية:

1- فهم السلوك الإنساني under standing

الإنسان بطبيعته مدفوع نحو المعرفة والفهم عن طريق الوصف والتفسير و إزالة الغموض متمثلا في الإجابة عن السؤالين (كيف، ولماذا؟) يحدث هذا السلوك، فالفهم هو الهدف الأساسي للعلم، حيث يشير إلى عملية شرح أو تفسير العلاقات عن طريق التعرف على أسباب حدوثها، وعلى العوامل التي تؤثر فيها، والأفكار التي تقدم فهما حقيقيا للظاهرة يجب أن تكون من نوع يمكن إثباته تجريبيا، ومما لا يمكن نقضه بسهولة عن طريق أفكار أخرى.

2- التنبؤ بالسلوك prediction

يشير التنبؤ إلى القدرة على معرفة الظواهر المستقبلية في مجال معين بالإستناد علی معرفة العلاقات الموجودة بين المتغيرات الحالية، مثل التنبؤ بالمستوى التحصيلي لطلاب السنة الجامعية الأولى بناء على تحصيله في المرحلة الثانوية، ويتمثل التنبؤ في الإجابة عن السؤالين ماذا يحدث، ومتى يحدث؟) فبالعلم نقيم المفاهيم والنظريات إلى المدى الذي تسمح فيه بإجراء التنبؤات التي لم يكن بالإمكان أن تحدث في غياب هذه المفاهيم، كما أن التنبؤ بالسلوك لا يحدث إلا من خلال علاقة الفرد بالبيئة.

3- ضبط السلوك والتحكم به controlling

ويعني قدرة الباحث على التحكم ببعض المتغيرات المستقلة التي تسهم في إحداث ظاهرة ما لبيان أثرها على العوامل التابعة، وتتوقف هذه العملية على وجود علاقات سببية بين متغيرين أو أكثر، وعلى إمكانية معالجة هذه التغيرات بحيث يتمكن الباحث من تغيير قيمته لبيان أثره في المتغيرات الأخرى، ويمكن ضبط السلوك عن طريق تعزيز السلوكات المرغوب فيها، وإطفاء واستئصال السلوكات الغير مرغوب فيها، بالإضافة إلى تشکیل سلوكات جديدة لم تكن موجودة عند المتعلم.

ونشير إلى أن الأهداف السابقة تنصب على عنصرين أساسيين هما:
• المتعلم من حيث خصائصه، إبداعاته، نموه المعرفي.
•والمعلم من حيث خصائصه الشخصية والأكاديمية والسلوكية والتأهيلية، وممارساته الصفية.

كما تسعى المدرسة الحديثة إلى تحقيق هدفين هما:

1- تمكن الطالب من تحقيق ذاته عن طريق تحقیق حاجاته الأساسية وغيرها.
2- تحقيق الكفاية الاجتماعية التي يحتاجها للحياة في مجتمع حدیث.

وفيما يلي نذكر آراء بعض العلماء والباحثين العرب حول أهداف علم النفس المدرسي:

• يحدد د. أحمد زكي صالح هدفي علم النفس المدرسي في البحث في مشكلات النمو كما تمارسه المدرسة، ويقصد بالنمو كافة النواحي التي تعنى بها المدرسة كالنواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية، ويتحدد هدف علم النفس المدرسي بناء
على مفهومين:
أ- إذا كانت وظيفة المدرسة إكساب المتعلم المعارف وتحصيل المعلومات واستذکار
الدروس كان هدف علم النفس المدرسي معالجة طرق تنمية هذه المعارف، وتهيئة
الوسائل التي تساعد المتعلم على التحصيل.
ب- إذا كانت وظيفة المدرسة العناية بالطفل كونه مواطن المستقبل فإن هدف علم النفس المدرسي يجب أن يشمل الاهتمام بشخصية الطفل من جميع النواحي أصحته، میوله، استعداداته، قدراته العقلية والمهنية، تنمية ميوله الاجتماعية
تعويده طرق إشغال وقت الفراغ).
•ويذكر أبو حطب أن الهدف الجوهري لعلم النفس المدرسي هو تزويد المعلمين وغيرهم من العاملين في ميدان تعديل السلوك الإنساني بالمبادئ النفسية الصحية التي تتناول مشكلات التربية ووسائل التعليم المدرسي، لكي يصبحوا أعمق فهما، وأوسع إدراكا، وأكثر مرونة في المواقف التربوية المختلفة، وحتى في المجالات الأخرىمثل الطب والإعلام
• أما د. عبد الرحمن عدس فيذكر أن علم النفس المدرسي يهدف إلى البحث في صفات
المعلمين وخصائصهم التطورية، وكيفية تقييم التعلم الناتج، ولكي يحقق علم النفس المدرسي هذه الأهداف فإنه يستمد تعاليمه من مختلف النظريات النفسية هادفا للإجابة عن الأسئلة (لماذا يتعلم الأطفال وكيف؟ وكيف يمكن للمعلمين تحفيز الطلبة ومراعاة الفروق الفردية وكيفية تقييم المتعلمين.

6- وظائف علم النفس المدرسي Functions of school psychology

وفيما يلي يمكن أن نلخص وظائف أو مهام علم النفس المدرسي بالنسبة للمعلم فيما يلي:

1- استبعاد الآراء التربوية التي تعتمد على الملاحظات غير الدقيقة والعمل على حسم المباديء والآراء التربوية عن طريق البحث العلمي المنظم
2- تزويد المعلم بحصيلة من المباديء والفرضيات الصحيحة التي تصلح لمعظم الممارسات والمواقف الصفية وذلك لتسهيل عملية تعديل السلوك عند المتعلمين ومن أمثلة هذه المباديء مبدأ التعزيز الإطفاء وغيره.
3- إكساب المعلم مهارات الفهم النظري والتطبيقي للعملية التربوية، كمهارة رسم الأهداف، ووضع المناهج وتطويرها، القياس والتقويم.. إلخ).
4- توجيه عمليات النمو المختلفة في الطريق السليم عن طريق تفهم المباديء الأساسية للنمو والعمليات العقلية التي يمر بها الفرد.
5- مساعدة المعلم على التنبؤ العلمي بالسلوك وضبطه وتعديله.
6- تدريب المعلمين على الفهم العلمي السليم لمختلف أنماط السلوك والظواهر النفسية التي تصدر عن المتعلم (عملية التوجيه والإرشاد المدرسي) حيث تعد هذه الوظيفة من أهم الوظائف لعلم النفس المدرسي (كراجة، 1997).

التوجيه والإرشاد النفسي المدرسي ( الخدمات النفسية)

• إن الهدف الأساسي من عملية التوجيه والإرشاد النفسي في المجال المدرسي هو تقديم الرعاية والخدمات الوقائية والعلاجية، وذلك بهدف مساعدة التلاميذ على إمكانية تحقيق الصحة النفسية السوية ( خلو الفرد من الأمراض النفسية والعقلية والاضطرابات السلوكية العنيفة)، وتوفير الفرص من أجل مو أفضل للتلميذ في اتجاه التكيف الحسن.

ومن المشكلات النفسية التي يواجهها المتعلم في المدرسة ما يلي :

1- مشکلات تتصل بالنمو العام للطفل منها التبول اللاإرادي أو السلس البوليواضطرابات الكلام .
2- مشکلات تتصل بالنمو العقلي كالتفوق العقلي والضعف العقلي.
3- مشکلات تتصل بالحياة العاطفية والنمو الانفعالي كثورات الغضب ومشکلات الجنس والخوف من المدرسة.
4- مشکلات تتصل بالنمو الاجتماعي ومن بينها النزوع العدواني والغيره (الرفاعي، 1982).
والمدرسة تساعد في رعاية هذه الاضطرابات من جهات متعددة فهناك الموجه والمعلم والمرشد وقد تحل العيادة النفسية العامة أو الخاصة التي يعمل بها المرشد محل العيادة المدرسية والتي قد لا تكون موجودة في بعض الأحيان، حيث تقوم الخدمات بمساعدة التلميذ على تحديد قدراته وإمكانياته، وشخصيته وجوانب الضعف والقوة لديه وذلك للاستفادة من جوانب القوة إلى أقصى حد، وتقویم جوانب الضعف التي تعترض تقدمه الأكاديمي و إمكانية تعويضه عنها.

حيث يقدم المرشد خدمات مختلفة كالخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية للتلاميذ الذين يعانون سؤ التكيف، ويمكن تقسيم الخدمات التي يقدمها المرشد كما يلي:

أولا: الخدمات التي يقدمها المرشد للطلبة كأفراد

1- مساعدة الطالب في التعرف على قدراته واستعداداته ونواحي القصور عنده
2- مساعدة الطالب على وضع خطة لتحسين وضعه التحصيلي
3- إجراء المقابلات الإرشادية الفردية للتلاميذ.
4- التغلب على الإحباط وتنمية شعور الثقة بالنفس لدى التلميذ.

ثانيا:- الخدمات الجماعية التي يقدمها المرشد للطلبة وتشمل:

1- عمل محاضرات صفية تتعلق ببرامج التوجيه والإرشاد والدعم والتقوية للتلاميذ.
2- تبادل الزيارات مع المؤسسات المختلفة.
3- توجيه التلميذ مهنيا
4- تطبيق الاختبارات النفسية الجمعية

ثالثا: الخدمات التي يقدمها المرشد الأعضاء الهيئة التدريسية وتشمل:

1- تزويد المعلمين معلومات عن الطالب لاستكمال سجله المدرسي.
2- المشاركة في وضع الخطة السنوية.
3- الإشراف على السجلات المجمعة في المدرسة.
4- التعرف على أسباب تسرب التلاميذ ومتابعتها.
5- المساعدة في حل بعض مشاكل المعلمين كالإحباط والقلق الناتجة عن ضغط العملوموقفه من عمله.
6- مساعدة المعلم في تشخيص حالات التأخر الدراسي كبطيء التعلم والطفل المتخلف.

رابعا: الخدمات التي يقدمها المرشد للمجتمع المحلي وتشمل:

1- المشاركة في دراسة الحالات مع أولياء الأمور.
2- التعاون بين الأسرة والمدرسة في مواجهة اضطرابات الصحة النفسية للتلميذ.
3- الإسهام في خدمة البيئة المحلية في أوقات النشاط
4- ربط المدرسة بالمجتمع المحلي وما فيه من مهن متوفرة.
5- إرسال نشرات دورية إلى أولياء الأمور تتضمن بعض المشاكل النفسية العامة التي يتعرض لها التلاميذ كمشكلات المراهقة، قلق الامتحان بحيث تتضمن هذه النشرات اقتراح الحلول لهذه المشاكل (مرسي، 1976).

المراجع المعتمدة:

لتحميل الكتاب إضغط هنا

تعليقات